عُرف كوكب الأرض بإسم الكوكب الأزرق وذلك بسبب محيطاته التي تغطي أكثر من70% من سطح الكوكب، و هي موطن لأكبر نوع من أشكال الحياة على مستوى العالم. يعتبر الماء أساسي للحياة على الكوكب، و رغم ذلك يبقى هناك سؤالان إستعصى علينا جوابهما و هما:
من أين جاء الماء إلى الأرض؟ومتى؟
يفترض البعض أن الماء قد أتى متأخرا إلى الأرض بعد تشكل الكوكب بفترة، لكن أظهرت نتائج من دراسة جديدة برئاسة علماء من معهد وودز هول لعلوم المحيطات (WHOI the Woods Hole Oceanographic Institution) أن وقت ظهور أول دليل على وجود الماء في الأرض و النظام الشمسي الداخلي أقدم بكثير من التاريخ المرجح سابقا.
آدام صرافيان هو المؤلف الرئيسي لورقة بحث نًشرت في 31 أكتوبر 2014 في مجلة العلوم Science، وهو طالب في قسم الجيولوجيا و الجيوفيزياء ضمن البرنامج المشترك بين معهد وودز هوولWHOI و معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT، يقول صرافيان:
"الإجابة على أحد الأسئلة الأساسية هي أن محيطاتنا كانت دائما هناك، نحصل عليها من عملية جرت في وقت متأخر كما كان مُعتقد في السابق."
أحد النظريات كانت تعتقد أن الكواكب تتشكل بالأصل جافة، وذلك بسبب العمليات ذات الطاقة العالية والتصادم الكبير اللدان يساهمان في تشكيل الكواكب، وأن الماء جاء لاحقا من مصادر خارجية مثل المذنبات أو الكويكبات الرطبة، والتي تتألف إلى حد كبير من الثلوج والغازات.
هورست مارشال عالم جيولوجيا في WHOI ومؤلف مشارك في ورقة البحث، يقول:
"مع تصادم الكويكبات والنيازك العملاقة سينتج الكثير من الدمار، وقد جادل البعض بأن أي جزيئات من الماء من المحتمل تواجدها في الوقت الذي كانت تتشكل فيه الكواكب ستكون قد تبخرت وتتطايرت إلى الفضاء، وأن الماء الموجود على سطح كوكبنا الآن قد جاء بعد مئات الملايين من السنين."
وجه مؤلفون البحث إهتمامهم نحو مصدر محتمل آخر للماء وهو carbonaceous chondrites. وهي مذنبات معروفة بالأكثر بدائية، تشكلت الcarbonaceous chondrites في نفس دوامة الغبار والحصى والجليد والغازات التي أدت إلى نشوء الشمس قبل 4.6 مليار سنة.
سوون نيلسون هو أيضا مؤلف مشارك من معهد وودز هول، يقول نيلسون:
"هذه النيازك البدائية تُشبه في تكوينها النظام الشمسي، فهي تحتوي على كمية كبيرة من الماء، وكانت مرشحة كمصدر للمياه على الأرض."
من أجل تحديد مصدر الماء في الأجسام الكوكبية، قام العلماء بقياس النسبة بين اثنان من نظائر الهيدروجين المستقرة وهما الديوتيريوم والهيدروجين. و تتميز المناطق المختلفة من النظام الشمسي بإنها تمتلك نسب متفاوتة للغاية من هذه النظائر. يعرف مؤلفو الدراسة نسبة النظائر في carbonaceous chondrites ويرجحون بأنهم إذا تمكنوا من مقارنة تلك النسب مع شيء معروف أنه كان يتبلور بينما كانت الأرض تتشكل، سيتمكنون عندها قياس وقت ظهور الماء على الأرض.
كما قام فريق البحث والذي يتضمن فرانسيس ماك-كوبن من معهد علوم النيازك في جامعة نيو مكسيكو وبريان مونتيليون من معهد وودز هول بتجهيز إختبار لهذه الفرضية، وذلك باستعمال عينات قدمتها ناسا من الكويكب فيستا-4. هذا المذنب نشأ في نفس المنطقة التي تكونت فيها الأرض ضمن النظام الشمسي، وسطحه يتكون من الصخور البازلتية و الحمم المتجمدة.
ومن المعروف أن هذه النيازك البازلتية من فيستا-4 معروفة بإسم eucrites تحمل توقيع مميزا من أقدم خزانات الهيدروجين في النظام الشمسي. تشكلت هذه النيازك بعد حوالي 14 مليون سنة من تشكل النظام الشمسي، مما يجعلها مثالية لتحديد مصدر المياه في النظام الشمسي الداخلي في في الوقت الذي كانت الأرض تمر بمرحلة البناء الرئيسية.
حلل الباحثون خمسة عينات مختلفة في منشأة Northeast National Ion Microprobe وهي تابعة لمعهد وودز هول والتي تحتوي على مقياس أيون طيفي ثانوي. وهذه المرة الأولى التي يتم فيها قياس نظائر الهيدروجين في نيازك eucrites.
أظهرت القياسات أن فيستا-4 يحتوي على نفس تركيبة نظائر الهيدروجين الموجودة في carbonaceous chondrites ، والموجود أيضا على الأرض. هذه النتائج إلى جانب نتائج نظائر النيتروجين تشير إلى أن carbonaceous chondrites هي مصدر مشترك للمياه على الأرض.
يقول مارشال:
"تُظهر الدراسة أن المياه على الأرض تراكمت في نفس الوقت الذي كانت تتراكم في الصخور المكونة لها، إذا فإن الأرض تكونت ككوكب رطب مع الماء على السطح."
في الوقت الذي لا تمنع نتائج الدراسة إضافة كميات أخرى من الماء في وقت لاحق. ولكنها تبين أن هذه الكميات الإضافية ليست ضرورية بما أن كميات المياه و تكوينها كانت مناسبة في وقت مبكر جدا."
يضيف نيلسون:
"إن الآثار المترتبة على هذا هو أن الحياة على كوكبنا قد تكون بدأت في وقت مبكر جدا، ونحن نعلم الآن أن الماء جاء مبكرا إلى النظام الشمسي الداخلي مما يعني أن الكواكب الداخلية الأخرى قد تكون رطبة أيضا في بداية نشئتها وقد تطورت عليها أشكال حياة قبل أن تصبح بيئتها قاسية كما هي اليوم."
هذا البحث كوفئ بزمالة من قبل برنامج Harriett Jenkins NASA graduate fellowship، وجائزة من مؤسسة أندرو ميلون للبحوث المبتكرة، وجائزة ناسا للكيمياء الفلكية.
إرسال تعليق